نظام المنتسوري
بارعه خجا
دعت الى اطلاق حرية الطفل وفكره وطاقاته، واستهلت منتسوري تجربتها في التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث عملت على تنمية قدراتهم وحواسهم وتطوير مهاراتهم؛ فاكتشفت أن لهؤلاء الاطفال قابلية للتعلم الجيد. بعد ذلك توسعت في تجربتها لتشمل الاطفال الطبيعين و لاحظت أن الطرق التقليدية في التدريس تعتبر من أهم أسباب ظهور التأخر الدراسي لدى المتعلمين Montessori,1976)).
" بينما كان الناس في منتهى الإعجاب بنجاح تلاميذي المعتوهين كنت في منتهى الدهشة والعجب لبقاء العاديين من الأطفال في ذلك المستوى الضعيف من التعليم
لذلك فإن الطرق التي نجحت مع المعاقين لو استعملت مع الأطفال العاديين لنجحت نجاحاً باهراً "
ماريا منتسوري،1976
تقوم نظرية المنتسوري على فكرة أن تربية الطفل ينبغي أن تكون وفق ميوله مما يحقق له نمواً روحياً وفكرياً وحركياً من خلال الأنشطة المرحة التي تلبي حاجاته وتنمي إمكانياته داخل مؤسسات متخصصة طبقاً لمواصفات وأهداف تعليمية معينة. وتطبق فلسفة منتسوري في العديد من مؤسسات رياض الأطفال حول العالم كما تدرس النظرية في مئات الجامعات كأحد طرق التعلم الخاصة بتنمية الأطفال.
فلسفة المونتسوري وعناصرها
قدمت منتسوري فلسفة تربوية قامت على مبدأ أن كل طفل يحمل في داخله الشخص الذي سيكون عليه في المستقبل، وأرست دعائم هذا المبدأ من خلال دراسات وتطبيقاتها ميدانية عديدة، معتبرة أن العملية التربوية يجب أن تهتم بتنمية شخصية الطفل بصورة تكاملية في النواحي النفسية، والعقلية، والروحية، والجسدية الحركية وتقوم على نظريات لتنمية الطفل. وقد اضافت منتسوري إلى نظامها التعليمي الفريد، نظرية العقل الممتص التي لا تشترط حفظ الطفل للمعلومة وإنما يخزنها الطفل بنسبة كبيرة في عقله الباطن و يسترجعها بعد مرور فترة من إعادة المعلومة، أو عندما يعيش تجربة مشابهه لما تعلمه.كما أنها أكدت على دراسة خصائص نمو الطفل في نظرية يطلق عليها الفترة الحساسة وهي الفروقات في نمو العقل بين الأطفال في سن واحدة، وملاحظة مؤشرات النمو الطبيعية عنده واكتمال أجزاء المخ في وقت معين فالجزء الخاص بالرياضيات يشير إلى اكتماله اهتمام الطفل بالأرقام أو تعلمه العد في وقت قصير، مما يخفف من الحمل على بعض الأطفال في عدم استيعابهم لمعلومة رياضية معينة لعدم جاهزيتهم لاستقبالها.
وتتضمن نظرية المنتسوري مجموعة عناصر وأفكار تعتبر في جوهرها أساساً محفزاً نحو التعلم الابتكاري لدى الاطفال من أهمها ما يأتي(Bunnag, Daugnvan, 2000):
تؤمن ماريا منتسوري بان التعلم يجب أن يتمحور حول الطفل ويكون داعم وموجه لطبيعته.
ترى أن الطفل بطبيعته فضولي ولديه الرغبة في الاكتشاف والتعلم والتجريب لذا لابد أن تتضمن بيئة الطفل التعليمية أدوات معدة خصيصا لملائمة احتياجاته.
تؤكد أن الطفل يكتشف عالمه بواسطة حواسه، لذا لابد أن تضم بيئته التعليمية الأدوات التي تدفع عملية التعلم والاكتشاف لديه .
تـؤمن بأن الطفل يكون معرفته من خلال الاحتكاك والتفاعل الجسدي المباشر مع البيئة وهذا يساعده على تكوين الصور الذهنية الأولية التي تشكل الأساس لمراحل التعلم المجرد لاحقا.
ترى أن حرية الاختيار مطلب مهم لنمو شخصية وعقل الطفل ويتم هذا من خلال توفير أدوات متنوعة وجذابة تلائم ميوله ويكتشف من خلالها شخصيته.
تعتقد أن تكرار النشاط أو التمرين الواحد لأكثر من مره يمكن الطفل من إتقان المعارف والمهارات التي تتطور مع التدريب المستمر والمتدرج.
تؤكد على أهمية أن تكون بيئة الطفل هادئة وآمنة ومنظمة لكي تدعم حاجة الطفل للتركيز و التنظيم.
دور المعلمة وفقا لفلسفة ماريا منتسوري
يتمثل دور المعلمة وفقا لفلسفة منتسوري في مجموعة من المهام من أهمها ما ياتي ((Montessori, 1912:
ملاحظة الطفل لتحديد اهتماماته وطبيعته وميوله وتقيم انجازه وتقدمه.
تجهيز وترتيب بيئة الطفل لتكون ملائمة ومقابلة لاحتياجات الطفل ومطالب نموهـ.
تنظيم وتوجيه انتقال الطفل من نشاط الى آخر بعد ترتيب أدوات النشاط الأول.
تشجيع وتحفيز الطفل على التفكير والاكشاف وانجاز المهام التي يفضلها.
مراحل النمو عند منتسوري والابتكار
يمر الطفل بمراحل نمو مختلفة تتطور من خلالها قدراته وطاقاته وتتنوع ميوله واحتياجاته مما يتطلب أهمية مراعاة الفروق الفردية لكل طفل حسب احتياجاته وقدراته العقلية ، وقد قسمت منتسوري مراحل النمو الى ثلاث مراحل هي :
المرحله الأولي : من الطفولة المبكرة إلي سنتين ونصف.
المرحله الثانية : من سنتين ونصف الي ست سنوات.
وتعتبر هاتين المرحلتين بمثابة الركيزة الاساسية في بناء الشخصية ولذلك يجب الاهتمام الشديد بطفل هذه المرحلة واعتبرت منتسوري أن هناك وقت حساس لتعليم القراءة ومتابعة الألوان، فهذه الفترة للطفل هي فتره حساسة في النمو اللغوي ويكون لديه قدره فائقة على الاستماع إلى الأصوات وتقليدها كما لديه القدرة على تعلم أكثر من لغة في الوقت نفسه وبجهد قليل. ويتعلم الطفل في المرحلتين الاولى والثانية من خلال المواد المحسوسة مثل : ورق الصنفرة ، الحروف ، والأرقام والاشكال المجسمة .
المرحلة الثالثة:
تبدأ المرحلة الثالثة من سن ست سنوات الي اثنتى عشرة سنة ، و تنمو فيها الذاكرة والتفكير والإرادة، حيث ينهمك الطفل في هذه السنوات في بناء نفسه ويتعلم من خلال الاستنتاج و الابتكار والتخيل بسبب تطور قدراته العقلية.
بيئة المنتسوري التعليمية
تعتبر بيئة المنتسوري التعليمية بيئة خلاقة ومحفزة على التعلم والابتكار فالصفوف واسعة ذات الوان زاهية مما ينعكس ايجاباً على نفسيات الأطفال، وتتضمن الفصول والممرات صور غنية تحاكي حياة الأطفال وواقعهم، ايضاً يتم تصميم الأثاث الذي يتناسب مع أحجام الأطفال وأعمارهم ويسهل حركتهم عندما يتنقلوا داخل الفصل،كما تضم حجرة للأكل وأخرى للأشغال الفنية والأعمال اليدوية.
ويمتد اليوم التعلمي للأطفال من 8 صباحا وحتى حوالي الساعة 4 عصرا بهدف اتاحة الفرصة للاطفال وخاصة أولئك الذين نشؤء في بيئة فقيرة من الحصول على متطلبات النمو التي يحتاجونها ، واليوم الدراسي عند منتسوري يبدأ باجتماع الأطفال في حلقة مع معلمتهم ويتحدثون معها عن القصص والحكايات التي حدثت في يومهم، وعن خططهم خلال النهار، وتقوم المرشدة (المعلمة) بداية بتدريب حواس الأطفال بتمارين عقلية لاستثارة قدرات التفكير والتخيل عند الأطفال، ويتخلل اليوم التدريبي قسط من الراحة ،كما يتخلله مزيج من الالعاب الرياضية كالمشي في الهواء الطلق والرقص أحيانا، ايضا يمارس الاطفال العاباً جماعية تتطلب التعاون فيما بينهم في جو من اللعب الموجه وفي جو من الحرية التامة مع احترام حريات الآخرين.
وقد اكدت منتسوري أن الهدف من حرية الأطفال هو تأمين استقلالية الطفل التامة لتشجيعه على الاعتماد على نفسه دون فوضى، ويعبر مصطلح الطفل الحر عند ماريا منتسوري عن الطفل الذي يعتمد على نفسه في أداء مهامه وأعماله دون مساعدة الغير.
المنتسوري والتعلم الابتكاري
الانشطة والألعاب التربوية وفقا لمبدأ التعلم بالمرح عند منتسوري تحكمها قوانين محددة، و يتم تصميمها بطريقة دقيقة لتحاكي الواقع. كما يحمل بعض الانشطة طابعًا تنافسيًا في إطار التفاعل الاجتماعي بين الاطفال، كما أنها تتطلب أحيانا التفاعل الجسدي (نشاط عضلي كالحركة)، أو العقلية (نشاط عقلي كحل مشكلة)، أو كليهما، كما أنها تستثير الجانب الوجداني لدى االمتعلمين (اثارة - متعة -تأمل- تعاون- حب...الخ)
تحرك الانشطة و الألعاب التربوية عند منتسوري جميع حواس الطفل:السمع، البصر، واللمس، الشم ، التذوق، وهي بذلك تجعل المعارف و السلوك المكتسبة أكثر ثباتًا و رسوخاً لدى الطفل. وحيث أن الحوافز والدعم الإيجابي يعتبر عاملا مهماً لرفع الروح المعنوية للمتعلمين وتوجيه سلوكياتهم وأدائهم نحو ما يحسن ويطور من مستواهم العلمي والأخلاقي؛ فإن هذا ما يؤكد عليه تصميم بيئة التعلم عند منتسوري لكي تكون هي نفسها محفزا أساسياً للتعلم وخلق الابداع والابتكار عند الاطفال.
وترى منتسورى أن الابداع هو انعكاس للعالم المحيط بالطفل وعليه فقد ابتكرت ماري منتسوري مجموعة من الأجهزة التعليمية والالعاب لتدريب حواس الطفل، وتحفيزه نحو اكتشاف الحقائق وادراك العلاقات بينها،كما انها صممت بيئة الطفل لتمكنه من اكتساب المهارات والقيم التي تتصل ببيئته ومحيطه وتدريبه على تحمل المسؤولية، فهناك انشطة الطهي، النظافة، العناية بالحيوانات الاليفة...الخ ،ومن خلال هذه الالعاب والانشطة المنظمة تنمو مهارات الطفل في حل المشكلات وهو ما يلعب دور في تطوير الحلول والافكار الابداعية لدى الطفل (Ruscio and Amabile, 1999) .
The Montessori pedagogy encourages creative problem solving skills. It encourages individual creativity when solving problems, teaches independence, and supports the development of self-control with the teacher assuming the role of a “facilitator”.
The Montessori school environment is arranged according to subject area -- cooking, cleaning, gardening, art, caring for animals, library corner, etc. -- children always free to move around the room instead of staying at desks. There is no limit to how long a child can work on something she has chosen. At any one time in a day all subjects -- practical work, math, language, science, history, geography, art, music, etc
(Montessori, 1997).
المنهج المنتسوري
يتركز المنهج المنتسوري على تنمية مهارات الحياة العملية أي المهارات الأساسية المتعلقة بالتنظيم ونظام المعرفة حيث تعتبر أن تدريب الحواس هو أساس في التنمية الفكرية فوضعت منهجا لتدريب كل من الحواس التالية:
منهج تدريب حاسة اللمس: مهارات حسية – حركيه اعتبرتها ضرورية لتدريب يد الطفل
ومهاراته وأصابعه مثلا فك الأزرار وتركيبها تعبئة الخرز تشغيل السحابات فل وربط الأحذية
تدريب اليد على التمييز باللمس البارد ، الساخن ، الخشن ، الناعم ، اللين ، القاسي ، الأحجام ،
الألوان ، الأشكال ، الأوزان ..
منهج تدريب حاسة السمع: التمييز بين الصوت الرفيع والأجش ، بين الصوت العالي والمنخفض بين الصوت البعيد والقريب و التمييز بين مختلف الأصوات .. يميز الطفل جميع هذه الأصوات وهو معصوب العينين ولتنمية حاسة السمع ابتدعت مونتسوري ما أسمته الصمت وذلك لتعويد الطفل على الصمت والإصغاء.
منهج تدريب حاسة الشم : وهو معصوب العينين يميز الطفل بين الروائح المختلفة مثلاً أوراق شجر أوراق عاديه ، رائحة الاحتراق ، رائحة الخبز الطازج و المعفن و تمييز بين مختلف الروائح والعطور.. الخ
منهج تدريب حاسة الذوق : وهو معصوب العينين يتعلم الطفل التمييز بين مختلف المذاقات مثلاً
الحامض و الحلو وبين مختلف أنواع المأكولات .
منهج تعليم القراءة : تعتبر أن الطفل يتعلم الكتابة قبل القراءة دون أن تقدم منهجا محددا بهذا الخصوص.
الوسائل التربوية المونتسورية
انطلاقا من مبدأ التربية الذاتية والتعليم بحريه اعتمدت مونتسوري وسائل تعليمية ترشد بذاتها إلى كيفية استخدامها، حي اعتبرت أن الحواس أساس التعلم والتنمية الذهنية فقد كانت جميع وسائلها تهدف إلى تنميتها.
ومن وسائلها التعليمية
استخدام مجموعات من الأشكال الهندسية المختلفة و مجموعات من علب خشبية ذات أحجام مختلفة مرقمة من واحد إلى عشره مجموعه و ألواح خشبية ذات أوزان مختلفة و أشكال هندسية مختلفة.
أشكال هرمية و مخروطية و اسطوانات و دوائر وألعاب يمكن إدخال الأشكال الهندسية ببعضها.
مجموعه متنوعة من الأجراس المتدرجة النغمات الصوتية و مجموعة أقمشة مختلفة و مجموعة أوراق ملونه و مختلفة وكذلك لعبة مزدوجة الأنغام الموسيقية و مجموعة بكرات خيوط ذات ثمانية ألوان ولكل بكره ذات ثمانية ألوان فرعيه أقمشة لها سحابات وأزرار مختلفة الأشكال والألوان.مجموعه من الأحرف الخشبية و بطاقات لتعليم الكتابة و القراءة
مجموعه متنوعة من الأجراس المتدرجة النغمات الصوتية و مجموعة أقمشة مختلفة و مجموعة أوراق ملونه و مختلفة وكذلك لعبة مزدوجة الأنغام الموسيقية و مجموعة بكرات خيوط ذات ثمانية ألوان ولكل بكره ذات ثمانية ألوان فرعيه أقمشة لها سحابات وأزرار مختلفة الأشكال والألوان.مجموعه من الأحرف الخشبية و بطاقات لتعليم الكتابة و القراءة
رواد مدارس المنتسوري في العالم
هناك شخصيات عالمية تدين بالفضل للتعليم المنتسوري كـ«لاري بيغ» و«سارجي برن» مؤسسي «غوغل» و«جيف بيزوس» مؤسس «أمازون» الشهير، كما أن جابرييل جارسيا ماركيز الروائي والصحافي الكولومبي الشهير والذي ترجمت معظم رواياته، يرجع الفضل في تطوره إلى أسعد أيام حياته التي قضاها في مدارس المنتسوري.
من كتب ماريا منتسوري
لقد تركت منتسوري جملة من الكتب التربوية والمؤلفات التي تتداولها العديد من الجامعات والمؤسسات التعليمية من أهمها ما يأتي:
منهج منتسوري (The Montessori Method, 1912)
طريقة منتسوري المتقدمة (Method 1917-18 The Advanced Montessori)
سر الطفولة (The Secret of Childhood 1936)
التربية لعالم جديد(Education for a New World 1946).
من أجل تربية القدرات الإنسانية (To Educate the Human Potential 1948)
العقل المستوعب(The Absorbent Mind, 1949)


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق